لماذا لا ينسى مريض الزهايمر للُّغة التي يتحدث بها ؟
ثانياً: تحليل الذاكرة
يُمكن تقسيم الذاكرة بشكل مبسط إلى نوعين: ذاكرة صريحة (تعريفية) وذاكرة ضمنية (إجرائية):
1. الذاكرة الصريحة (التعريفية – التقريرية): وهي ذاكرة تكون مسئولة عن تخزين معلومات وحقائق عن الإنسان مثل تذكر أحداث محددة في الوقت المناسب، فضلاً عن دعم تشكيلها، واسترجاعها وتكون مسئولة عن معرفة الأحداث، والتجارب الشخصية من حياة الفرد الخاصة، ومسئول عنها الفص الصدغي في الدماغ.
2. الذاكرة الضمنية (الإجرائية – المهارية): هي الذاكرة المسئولة عن استخدام الأشياء أو حركات الجسم (أي المهارات التي يكتسبها الإنسان مع الحياة) مثل كيفية استخدام قلم رصاص، أو قيادة سيارة، أو ركوب دراجة، وتعتمد هذه الذاكرة على عدة مراكز في الدماغ مثل المخيخ واللوزة الدماغية.
وبعد أن قمنا بالتفرقة بين أنواع فقدان الذاكرة وتقسيم الذاكرة الآن حان الوقت للإجابة على سؤال كيف يُمكن للمريض الذي يعاني من فقدان للذاكرة من التحدث بلغته الأم؟!!
تستهدف حالات فقدان الذاكرة مناطق الفص الصدغي والمناطق القريبة من الحصين أي بمعنى أدق تستهدف الذاكرة الصريحة، وهذا لا يؤثر على الذاكرة الضمنية (المهارية) أي لا يؤثر على المهارات التي يكتسبها الإنسان خلال حياته، من ضمنها الكلام واللغة التي تعلَّمها خلال حياته. بمعنى أدق، مريض فقدان ذاكرة يكون على معرفة بطريقة ربط الحذاء، في حين أنه لا يعلم بالضبط ما هو الحذاء! إلا أن المهارة التي اكتسبها خلال حياته جعلت من طريقة ربط الحذاء مُخزَّنة في ذاكرته المهارية ولم تتعرض للزوال، وهذا ينطبق أيضاً على اللغة واكتسابها وأي مهارة أخرى كعزف الموسيقى أو قيادة السيارة، ولكن بالطبع فإن هذا لا يعني بأن جميع مرضى فقدان الذاكرة يتحدثون بطلاقة، فقد يؤثر سبب الإصابة على تحدثهم فمنهم من يستطيع تكوين الجمل ولكن لا يستطيع تلفظها بشكل صحيح، ومنهم من يستطيع تلفظ الجمل ولكن مع عدم قدرة في تكوين جملة بنيتها صحيحة، بالطبع إنها درجات من الإصابة.