روى الذهبيُّ في سير أعلام النبلاء والسيوطي في الدر المنثور
روى الذهبيُّ في سير أعلام النبلاء، والسيوطي في الدر المنثور، وابن الجوزي في صفة الصفوة، وابن عساكر في تاريخ دمشق:
إنَّ نافعاً مولى ابن عمر قال: خرجتُ مع عبد الله بن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، فوضعوا سفرةً لهم، فمرَّ بهم راعٍ، فقال له ابنُ عمر: تعالَ، فأصِبْ من طعامنا.
فقال له ابن عمر: في مثل هذا اليوم الشديد حرُّه، وأنتَ في الشِّعاب؟
فقال الراعي: أُبادِرُ أيامي الخالية!
فعجبَ له ابن عمر، وقال: هل لكَ أن تبيعنا شاةً من غنمك نجتزرها، ونطعمك من لحمها ما تفطرُ عليه؟
فقال: إنها ليستْ لي، إنها لمولاي؟
فقال له الراعي: فأين الله؟ ثم مضى في طريقه
فجعل ابن عمر يُرددُ: فأين الله؟
ولما رجع إلى المدينة، بعث إلى سيِّد الراعي، فاشترى منه الراعي والغنم، ثم أعتقَ الراعي، ووهبَ له الغنم!
اجعَلْها نهجَ حياتكَ، وطريقَ سَيْرِك، وخُطة عملك!
إذا فُتِحَ لكَ البابُ لشهوةٍ حرامٍ، آمنة من الڤضيحة، خالية من الأعباء، الوصول إليها يسير، والستر منها مضمون، فتذكر: فأين الله؟!
وإذا ماټ أبوكَ وتركَ مالاً، وصارتْ مقاليد كل شيءٍ بيدكَ، وأنتَ تستطيع أن تستأثر به وحدك وتحرم إخوتك وأخواتكَ، لا قانون يطالك إذ الالتفاف عليه سهل، ولا قضاء يحاسبُكَ إذ لا بيِّنة، فقِفْ هُنيهة، وتذكر: فأين الله؟!
وإذا ما أراد شاب أن يتقدم لخطبة فتاة، وراحَ أن يسأل عنها، وكنتِ لا تحبينها، أو أنكِ تريدين أن تستأثري به أنتِ، وكان بإمكانكِ أن تلبسي ثوب الحمل الوديع، والناصح الأمين، ثوب إبليس لما جاء آدم عليه السلام يُمثِّل أنه المُشفق المُحب، فاسقطتِ سمعتها ظلماً، وحططتِ من عرضها افتراءً، وأنتِ في هذا آمنة، ولن يصلها كلامكِ، فتذكري: فأين الله؟!
في قصصهم عِبرة
أدهم شرقاوي